كتب - أحمد الجارالله :
لماذا أصبحت الكويت على هذه الحال؟ أزمات مفتعلة واتهامات متبادلة, وصراخ وزعيق ونهش بلحم بعضنا بعضا… نظلم إخوتنا في الوطن ونكره أبناء مجتمعنا, أو تأخذنا صيحة كاذبة, فهل بات ينطبق علينا الشق الثاني من القول” من أوتي نعمة ولم يشكر سلبت منه ولم يشعر” لأننا بطرنا بالنعمة وأعمانا الحسد؟ ما تشهده بلادنا, وما شهدته طوال ربع القرن الاخير, اي منذ التحرير الى اليوم, لا يمت الى الديمقراطية بصلة ابدا, بل هو تشويه متعمد لقيمها, واستغلال رخيص لها كي يحقق البعض مصالحه الشخصية على حساب تخوين الآخرين ونعتهم بأبشع النعوت, بل ما نحن عليه يناقض قيمنا الاجتماعية التي تربى عليها شعبنا منذ قرون عدة, ويتعارض ايضا مع الإسلام والايمان, فهل تستحق مصلحة شخصية, أو كيدية تحرك هذا وذاك لأن ندفع ببلدنا الى أتون الفوضى؟ وهل المنصب النيابي أو الوزاري يستأهل أن يحرق احدهم البلاد, إما بالاتهامات التي يكيلها جزافا, وإما عبر اختلاق ازمات؟ من اشد المظالم التي شهدناها خلال العقدين والنصف الماضيين اتهام الناس بذممهم, كأن يخرج احدهم ويتهم فلانا بالسطو على مبالغ كبيرة تصل الى عشرات المليارات من المال العام, بلا اي دليل, واذا أُحرج أَخرج مستندات مزورة زاعما انها دليله, لكن سرعان ما ينكشف تزويرها, ورغم ذلك يمضي بغيه إلى الآخر, وآخر يتهم أبناء عمومته بالتآمر على الحكم والدولة, ولايتوانى عن فبركة الاشرطة والتسجيلات سعيا منه إلى ترسيخ مزاعمه في اذهان الناس, ومنهم ايضا من اتهم رمزا برلمانيا بذمته ووطنيته, وحين توفاه الله أشاد بوطنيته, ما يعني اقرارا منهم بالظلم الذي ألحقوه به وهذا لون من ألوان الفجور الفاحش. ما من مشروع أقر إلا وخرج علينا من يتهم القيمين عليه, قبل تنفيذه, بالتكسب ونهب المال العام من خلاله, وما من قضية طرحت الا وكان هناك من يسعى الى عرقلتها وإن على حساب الناس والمجتمع, حتى المديونيات الصعبة ما برحت بلا حل منذ نحو 34 عاما ولا يزال الآلاف يدفعون الثمن من حياتهم وقوت عيالهم, ولا يستطيعون العمل أو شغل أي وظيفة, وفوق هذا تُفرض عليهم ضريبة 15 في المئة تأخير, كأن الدولة تريد ان تأخذ من الحافي نعاله, وسبب ظلم هؤلاء الآلاف حاسد لا يريد حل قضية المدينين والمقترضين زاعما أن ذلك لا ينطوي على عدالة اجتماعية, فأي عدالة هذه التي تمنع عشرات الآلاف من السفر, والعمل, ولا تغفر لهم خطأ وقعوا فيه ودفعوا ثمنه مرات لكنهم ورغم ذلك لا يزالون ملاحقين طوال حياتهم؟! اذا كان اعتقاد البعض ان من غير العدل تكفُّل الدولة بدفع هذه المديونيات نقول لهم: إنها ديون دفترية غير قابلة للتحصيل, وهي في الاعراف الاقتصادية والمصرفية ديون ميتة, والموتى لا يعودون الى الحياة, اي ان الدولة خسرت تلك الديون, فلماذا لا يقفل هذا الملف او تقسط القروض على 30 سنة, ويعاد لهؤلاء الناس اعتبارهم ليساهموا ببناء بلدهم؟ ألا يجدر بالحكومة ومجلس الامة النظر بعين العطف الى هؤلاء الآلاف الذين اصبحوا مظلومين؟ ماذا حل بنا؟ سؤال كل كويتي يريد العيش بسلام واستقرار في هذا الوطن العزيز على الجميع الذين كادوا في فترة من الفترات أن يفقدوا الوطن كله, والمؤسف ان غيرنا تعلم من تجربتنا خصوصا المجتمعات القريبة منا, المماثلة لنا بكل شيء التي اخذت العبرة مما حدث لنا في العام 1990 وسعت بكل ما أوتيت من قوة وإمكانات الى بناء ذاتها وترسيخ استقرارها واتفاقها على الأسس الوطنية التي تمنع السعار الذي نحن فيه, نعم انه سعار لا مثيل له في اي مجتمع, فهل ما نحن عليه اليوم من علامات الساعة؟ انظروا كيف أن الذين اساؤوا الى البلد يتساقطون الواحد تلو الاخر, ليس في الكويت فقط, بل في العالم وكأن ما يحل بهم هو ارتداد النحس الذي أرادوه للعباد عليهم. صحيح ان بلدنا تيسر له قائد محنك وحكيم أنقذه بعدما عيل صبر غالبية الكويتيين من انتظار سماع تلك القلة صوت العقل إلا أنها لم تَرعوِ فكان لا بد من الكي وهو ما تمثل بإجراءات حازمة, أكان عبر مرسوم الصوت الواحد او من خلال قرارات الهيبة, والتي ترجمها وزير الداخلية باجراءات عادت بالفائدة على الجميع, وحتى لا نقع في الحفرة ذاتها مرة اخرى على الناس ان تشكر نعمة الامن والامان التي تعيشها الكويت وترتقي بخطابها وممارساتها الى مستوى المسؤولية لان باستمرار حال البلبلة والتشنج والشك والريبة والاتهامات سنكون كالبوم الذي ينعب مستجلبا الخراب. - See more at: http://al-seyassah.com/%D9%84%D8%A7-%D8%AA%D9%86%D8%B9%D8%A8%D9%88%D8%A7-%D9%83%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%88%D9%85-%D8%A3%D9%88%D9%82%D9%81%D9%88%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%91%D9%8F%D8%B9%D8%A7%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D8%AA%D8%B1/#sthash.72yej4ky.dpuf
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق